في ظل الثورة الطبية المنتشرة على مستوى العالم، تعتبر عمليات تكميم المعدة أو “قص المعدة” من أحدث التقنيات المستخدمة من قبل الأطباء في علاج حالات السمنة المفرطة لدى المرضى المصابين بها، وتعتبر إحدى الخيارات التي تساعد المريض على انقاص وزنه في حال عدم قدرة الانظمة الغذائية والرياضة على ضبط الوزن والسيطرة عليه، ويقوم الطبيب في هذه العملية الجراحية بتقليص حجم معدة المريض بشكل دائم إلى حوالي 75-85 % عن طريق قص جزء منها مما يؤدي إلى تقليل كمية الطعام التي يتم تناولها وسرعة الشعور بالشبع. وقد ازدادت نسبة إجراءها حالياً بشكل كبير نظراً لبساطتها وفعالية نتائجها لدى المرضى مقارنة بالإجراءات الأخرى المتّبعة سابقاً مثل عمليات ربط المعدة وعمليات تحويل مسار المعدة. التسريب بعد عملية قص المعده
رغم أنّ هذه التقنية الحديثة فعّالة وبسيطة ومُعتمدة بشكل كبير من قبل الأطباء والجرّاحين، إلّا أنها تخفي وراء بساطتها العديد من المضاعفات النادرة الحدوث والتي يجب على الطبيب أن يخبر مريضه بها قبل المباشرة بإجراء العملية حيث أنها إن حصلت تكون شديدة وخطيرة إذا لم يتم السيطرة عليها حال حدوثها. ومن هذه المضاعفات هو “النزيف” الذي يحدث في حال انفساخ الدبابيس التي يقوم بوضعها الطبيب بعد عملية القص، وسنسلّط الضوء هنا على “التسريب” وهو أحد أهم هذه المضاعفات الخطيرة والهامة.
ما هو التسريب بعد عملية قص المعده ولماذا يحدث أحياناً بعد عمليات التكميم ؟
أشارت الدراسات التي أجريت مؤخّراً حول موضوع التكميم ومضاعفاته إلى أن نسبة حدوث التسريب لدى المرضى يقارب حوالي 1% من الحالات، ويحدث التسريب بعد عملية قص المعده بخروج محتويات المعدة إلى الأحشاء المجاورة من خلال الخط الذي يقوم الطبيب عنده بتدبيس المعدة بعد قص جزء منها، ويعد هذا النوع من المضاعفات هو الأهم والأخطر على الاطلاق. وهناك العديد من المؤشرات التي قد تدل على حدوث التسريب ومنها: آلام البطن، ارتفاع درجة حرارة الجسم، ارتفاع معدل ضربات القلب وصعوبة في التنفس .
قد يحدث التسريب بعد التكميم بسبب ضغط محتويات المعدة على جدارها وعلى خط التدبيس مما يؤدي إلى ثقبه وحدوث التسريب، وقد يحدث بسبب عدم كفاءة الطبيب الجراح في اتخاذه التدابير والاجراءات الوقائية قبل وخلال وبعد اجراء العملية ، وفي أحيانٍ أخرى قد يكون التسريب غير معروف السبب.
رغم ما ذكرناه حول مضاعفات عمليات التكميم إلّا أنّ الدراسات الامريكية أكّدت أمانها وفعاليتها في إنقاص الوزن بشكل ممتاز، وتتفاوت نسبة حدوث مضاعفاتها وفقاً للعديد من العوامل منها: الوزن والعمر والتاريخ المرضي، وغيرها من العوامل، وكما ذكرنا في البداية فإنّ هذه المضاعفات نادرة الحدوث مع هذا النوع من تقنيات انقاص الوزن الحديثة.
أين يحصل التسريب بعد عملية قص المعده وفي أي وقت؟
ويمكن تصنيف التسريب حسب توقيت حصوله إلى :
1- التسريب المبكّر : وهو الذي يظهر بعد العملية بحوالي 1-4 أيام
2- التسريب الوسطي: وهو الذي يظهر بعد العملية بحوالي 5-9 أيام
3- التسريب المتأخر: وهو الذي يظهر بعد العملية بحوالي 10 أيام أو أكثر
قد يكون التسريب محلياً يتمركز في منطقة المعدة القريبة من خط التدبيس، وفي بعض الأحيان قد ينتشر ليصل الى تجويف البطن.
وتجدر الاشارة الى أن المتابعة الدقيقة من قبل الطبيب والمريض تساعد في سرعة اكتشاف اعراض التسريب بعد التكميم وعلاجها قبل تفاقمها، حيث أن العلاج يختلف باختلاف الحالة ووقت اكتشافها وحصولها.
مضاعفات التسريب بعد عملية قص المعده وعلاجه
التسريب بعد عملية قص المعده من المضاعفات الخطيرة التي قد تؤدي للوفاة إذا لم يتم اكتشافها بسرعة والسيطرة عليها وعلاجها، وتختلف طريقة العلاج باختلاف توقيت حصول التسريب ومكانه ويتم تحديد طريقة العلاج بالفحص السريري أو السونار أو التصوير الاشعاعي، فبعض الحالات تترك حتى تلتحم المعدة بدون أي تدخل طبي، وبعضها الآخر يحتاج إلى استخدام الأنابيب حتى تلتئم المعدة، وهناك حالات تحتاج إلى الجراحة مرة أخرى.
إذا كان التسريب مبكراً يكون العلاج باستخدام المنظار وايجاد مكان التسريب وخياطته ثم وضع أنبوب أو أكثر للتغذية وسحب السوائل، وفي حال فشل هذه الطرق قد يلجأ الطبيب إلى إجراء عملية تحويل مسار المعدة “تخطي المعدة”.
وفي النهاية يبقى الاهتمام من قبل الطبيب والمريض بالمتابعة الدقيقة بعد عمليات التكميم هو أولى الخطوات التي تساعد في سرعة اكتشاف مضاعفات العملية مثل التسريب والذي رغم ندرة حدوثه يعتبر مهدداً لحياة المريض في حال تم اهمال علاجه بأقصى سرعة ممكنة.