ازدادت نسبة الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة بشكل كبير جداً وملحوظ منذ أواخر السبعينات وحتى يومنا هذا، ويعتبر الاشخاص البدينين أكثر الناس عرضة للكثير من الامراض خاصة المزمنة منها، والتي قد تكون خطيرة في بعض الأحيان كونها أمراضاً متعلقة بالسمنة مثل: أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والكوليسترول وأمراض الجهاز التنفسي وبعض أنواع السرطانات، إضافةً إلى الارتباط الوثيق ما بين السمنة وحالات الاكتئاب والتوتر والقلق النفسي.
ومع ازدياد أعداد المصابين بالسمنة ازدادت معها أيضاً الحملات الصحية التي تدعو إلى اتباع وسائل تخفيف الوزن والتي تعتمد على اتباع الأنظمة الغذائية وممارسة الرياضة، لكن قد تفشل هذه الوسائل مع بعض المرضى خصوصاً إذا كانت السمنة مفرطة، وقد يلجا الأطباء حينها لتوجيه المريض نحو الأدوية، أو نحو اجراء جراحات السمنة، وبحسب تقييم الطبيب للحالة يتم تحديد العملية المناسبة، وتعد جراحات السمنة من أفضل طرق انقاص الوزن على المدى الطويل وانقاذ حياة المرضى وتحسين صحتهم بشكل عام، فكم من مرضى تغيّرت حياتهم بشكل كامل بعد اجراء الجراحة بعدما فشلت الوسائل الأخرى في انقاص أوزانهم، وهذا ما أشارت إليه تقارير منظمات الصحة حول العالم منذ أكثر من حوالي عشر سنوات والتي أفادت بأن الجراحة هي الطريقة الوحيدة لانقاص الوزن في حالات السمنة المفرطة والتي يستمر تأثيرها إلى مدى بعيد.
تتنوع جراحات السمنة وتتعدّد ما بين عمليات تكميم المعدة والتي يتم فيها قص جزء من المعدة لتقليل حجمها، و عمليات تحويل مسار الأمعاء، وعمليات ربط المعدة عن طريق وضع حلقة حولها. و يلجأ الطبيب إلى الجراحة في حال زاد مؤشر كتلة الجسم عن 40 ، و في بعض الأحيان قد يكون مؤشر كتلة الجسم أقل من 40 ولكن المريض يعاني من أمراض مزمنة وخطيرة قد تهدّد صحته إذا لم يتم إنقاص وزنه خلال فترة قصيرة وبشكل سريع.
هذا وقد أشارت الكثير من الدراسات التي أُجريت على المرضى المصابين بالسمنة المصحوبة ببعض الأمراض المزمنة بعد إجرائهم للجراحة أنّ هناك نسبة تحسن كبيرة في الكثير من هذه الأمراض إضافةً إلى تراجع نسب الوفيات بين هؤلاء المرضى بشكل ملحوظ، حيث تغيّر هذه العمليات في تشريح الجهاز الهضمي بطريقة تؤدي إلى تقليل افراز الهرمونات المسؤولة عن الشعور بالجوع مما يؤدي الى فقدان الشهية للطعام وسرعة الشعور بالشبع، فيؤدي ذلك إلى نقصان كبير في وزن الجسم ، وأكثر من 90% من جراحات السمنة تؤدي إلى انخفاض في الوزن قد يصل إلى 50% وأكثر على المدى الطويل.
تعود أسباب تراجع نسب الوفيات في المرضى الذين يلجؤون إلى جراحات السمنة إلى تحسّن كبير في الأمراض المرتبطة بالسمنة وأحياناً الشفاء التام، ومن هذه الأمراض : ارتفاع ضغط الدم، انقطاع التنفس أثناء النوم، الأزمة الصدرية، التهاب المفاصل والروماتيزم، ارتفاع الدهون والكوليسترول، الارتجاع المريئي، تشحّم الكبد، السلس البولي، السكري من النوع الثاني، وأمراض الغدد الصمّاء.
وتجدر الإشارة إلى أن الغاية من عمليات جراحة السمنة هي تقليل كمية الطعام التي يتناولها المريض والتي يرافقها أيضاً التقليل من عمليات امتصاص الجسم للطعام، مع ضرورة العلم بأن جميع هذه العمليات يجب ان ترافقها حميات غذائية مناسبة وممارسة الرياضة والحركة المستمرة لتجنب زيادة الوزن مرة أخرى، مع الالتزام بالمتابعة الطبية المستمرة لتجنب حصول مضاعفات لهذه العمليات.
يمكننا القول أن نتائج هذه العمليات تنعكس بصورة ايجابية على حياة المريض ككُل، فبالإضافة إلى انقاص الوزن وتحسن الحالات المرضية المرتبطة بالسمنة، فإن الحالة النفسية للمريض تتحسّن فتزداد ثقته بنفسه والتي بدورها تجعله أكثر قدرة على الاندماج في المجتمع المحيط به واكتساب المعارف والأصدقاء، اضافة الى الشعور بالحيوية وسهولة الحركة والنشاط الذي يخلّص الشخص من كل القلق والتوتر والاكتئاب والخجل فيصبح مقبلاً على الحياة بإيجابية لشعوره بالرضى عن نفسه وشكله وقدراته.